أشار أخصائي من كليفلاند كلينك، نظام الرعاية الصحية العالمي، إلى عدم وجود أي استخدام آمن لمنتجات التبغ، وأن الشباب هم أكثر عرضة للإدمان القوي على النيكوتين. وجاءت تصريحات الأخصائي قبيل انطلاق فعاليات اليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ الذي تنظمه منظمة الصحة العالمية في 31 مايو من كل عام.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال يستخدمون أدوات التدخين الإلكتروني (Vaping) بمعدلات أعلى من الراشدين في كل المناطق، ولذلك فإن المنظمة تهدف خلال فعالية العام الجاري إلى توفير منصة للشباب حول العالم “لدعوة الحكومات إلى حمايتهم من أساليب تسويق التبغ التصيدية”. كما تسلط تقديرات المنظمة الضوء على أرقام مثيرة للقلق تتمثل بوجود 37 مليون شخص حول العالم ممن تتراوح أعمارهم بين 13-15 عاماً يستخدمون منتجات التبغ.
وقال الدكتور هومبرتو تشوي، أخصائي أمراض الرئة في مستشفى كليفلاند كلينك: “إن الشباب معرضين لمواجهة المخاطر الأكبر الناتجة عن التدخين أو التدخين الإلكتروني، لأن البدء بالتدخين في سن الطفولة أو المراهقة قد يكون له آثار مدى الحياة على نمو الدماغ”.
وأوضح الدكتور تشوي أن جميع أشكال استخدام التبغ لها مخاطر صحية سواءً تدخين السجائر الإلكترونية التي تحتوي على نيكوتين سائل، أو مضغ التبغ، أو تدخين السجائر والشيشة، وحتى ولو كان ذلك من حين لآخر أو بدون استنشاق الدخان. وأشار إلى أن أي شيء يحتوي على نيكوتين يسبب الإدمان، بالإضافة إلى ذلك فإن جميع وسائل استهلاك التبغ تشتمل على مواد كيميائية خطيرة منها الأسيت ألدهيد (Acetaldehyde) والفورم ألدهيد (Formaldehyde) المعروفة بأنها مسببة للسرطان، إلى جانب الأكرولين (Acrolein) وثنائي الأسيتيل (Diacetyl) وثنائي اثيلين غلايغول (Diethylene Glycol) المعروفة بأنها مسببة لأمراض الرئة.
وقال الدكتور تشوي: “يعد التدخين الإلكتروني تحدياً أكبر بالنسبة لنا لأننا لا زلنا لا نعرف تماماً الآثار الكاملة على الصحة على الرغم من أنه تم ربطه بالفعل بالتهاب الرئة الحاد وبمستويات إدمان قوية ومشاكل الأسنان من جملة أمور أخرى، كما أننا على علم بارتباطه بالعديد من نفس آليات تدخين السجائر العادية التي تسبب مشاكل الرئة”.
وأوضح الدكتور تشوي أنه بالإضافة إلى الأذى الذي تتسبب به المواد الكيميائية والمواد المضافة الموجودة في وسائل التدخين الإلكتروني، فإن بعض السوائل المستخدمة في التدخين الإلكتروني تحتوي على مستويات عالية جداً من النيكوتين ما يجعلها مسببة للإدمان بشكل كبير. كما تسهم مستويات قبول وتحمل وسائل التدخين الإلكتروني في الأماكن العامة في زيادة الفرص أمام الأفراد للحصول على بضع نفثات سريعة من دخان السجائر الإلكترونية ما يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك الفردي مقارنة بما هو الحال مع السجائر العادية على سبيل المثال.
العواقب على المديين القصير والطويل
بيّن الدكتور تشوي بأن هناك مخاطر قصيرة وطويلة الأمد مرتبطة باستهلاك التبغ. وقد تشمل المخاطر قصيرة الأمد السعال المستمر ونوبات الربو والتهاب الرئة الحاد، في حين قد يؤدي الاستهلاك طويل الأمد لمنتجات التبغ إلى الإصابة بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب وانتفاخ الرئة.
وأشار إلى أن الأمر المثير للقلق في واقع الأمر هو إدمان النيكوتين في سنّ مبكرة، وقال: “يمكن لاستهلاك النيكوتين من قبل المراهقين أن يكون له آثار طويلة المدى على تطور الدماغ، إذ تشير الدراسات إلى أن التدخين في سن مبكرة يزيد من احتمالات إدمان التبغ لفترات طويلة، إلى جانب الإدمان على مواد أخرى مسببة للمشاكل. بالإضافة إلى ذلك، قد تتداخل الرغبة في التدخين مع التركيز ومجريات الحياة اليومية. كما توجد أيضاً مشكلة أخرى تتمثل في أن الشباب قد يستخدمون التبغ كنوع من العلاج الذاتي للقلق أو الاكتئاب ما يؤدي إلى إخفاء الأعراض بحيث تظل الحالة دون تشخيص أو علاج”.
وأوضح الدكتور تشوي أن الآثار الضارة للنيكوتين هي تراكمية، وغالباً لا يدرك الأفراد مدى الضرر الذي يتسببون به لأنفسهم إلى حين إصابتهم بحالة صحية مزمنة.
وأضاف: “بغض النظر عن نوع وسيلة استهلاك النيكوتين التي اعتاد عليها الأفراد أو مدى تكرار الاستخدام، فإنه يمكن للأفراد تحقيق فوائد كبيرة في أي وقت بمجرد الإقلاع عن استهلاك منتجات التبغ، ولكن كلما كان ذلك في وقت مبكر أكثر كانت النتائج أفضل. لقد أظهرت الأبحاث أنه لا يوجد أي مقدار آمن للتدخين، وحتى الأفراد الذين لا يدخنون كثيراً قد يصابون بأمراض رئوية مميتة، كما يمكن للمدخنين الجدد الإصابة بالتهابات وأضرار كبيرة بالرئة”.
ودعا الدكتور تشوي الأهالي إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة وذلك حتى يتمكنوا من التحدث بصراحة مع أبنائهم حول مخاطر استهلاك التبغ، وتقديم الدعم إليهم للإقلاع عن استهلاك هذه المادة في حال الحاجة إلى ذلك.
وأضاف: “قد يكون الإقلاع عن استهلاك النيكوتين صعباً للغاية، وغالباً ما يقوم الأفراد بعدة محاولات قبل أن ينجحوا في الإقلاع تماماً”. وتابع بأنه لا يوجد “حل واحد مناسب للجميع”، ولذلك فإن برنامج الإقلاع عن التدخين لمستشفى كليفلاند كلينك يتبنى نهجاً شاملاً ومتعدد الجوانب في هذا السياق.